Ads 468x60px

الأحد، 25 سبتمبر 2011

ماذا لو...


ماذا لو استيقظت عيناك على ظلام كاسح، لا ترى حبيبتيك سوى السواد، الأمر لن يحتاج لحادث مفجع أو لمرض مزمن، قد تودع النور مع غمضة عين واحدة، ماذا لو نادى الناس عليك بذاك الأعور، وتعامل معك الأهل والأحباب كعاجز فقد حقه في التأثير والتأثر واختزلوا حياتك في الأكل والشرب والنوم ودفنوا طاقاتك وألغوا انسانيتك.
ماذا لو بثرت قدماك أو شلت حركتك وفقدت معها القدرة على المشي وأصبحت من مستخدمي الكراسي المتحركة ونودي عليك تارة بذاك المشلول وتارة اخرى بذاك العاجز، وهاجمتك نظرات الشفقة لمن هب ودب و ضرب بإمكانيات عقلك ومؤهلاتك عرض الحائط واصبحت في نظر المحيط مجرد عاجز لا يقوى على ممارسة حياته الطبيعية.
ماذا لو ذهبت صدمة ما بإدراكك وأصبحت فاقد للعقل و عاجر عن التحكم في سلوكياتك، ونادى عليك الناس بذاك الأهبل وأصبحت ترجم بالحجارة في الشوارع  وينفر منك الصغير والكبير وفقدت انسانيتك كما فقدت عقلك تماما، فأصبحت لا تختلف عن باقي الكائنات الحيوانية في شيء.
 في الحياة يوجد مثل هؤلاء، فكيف الحال لو أصبحت منهم؟
قد تفقد عضوا من اعضائك لكنك لا تفقد معه الشعور بالإنسانية وليس من العدل الحكم على قدراتك بالفشل، فأنت فقط من تعلم طاقاتك المدفونة ومن تستوعب جيدا ما يلزمك للتأقلم مع وضعك الجديد، أنت لا تحتاج لشفقة أحد ولا لعطف المقربين والأحباب، فهم يؤدونك حين يعاملونك كعاجز، انت تحتاج معاملة الانسان ككائن ميزه الله عن باقي الكائنات قادر على العطاء كما هو قادر على الأخذ، قادر على التأثير كما هو قادر على التأثر، تحتاج لثقة المجتمع بك كمواطن صالح له حقوق كما له واجبات، تحتاج لثقة محيطك الأسري أولا لتتسلح بالقوة والرغبة في الحياة الطبيعية دون الشعور بالنقص، فعضوك المبثور لن يلغي انسانيتك.
ليس لكل المعاقين نفس الظروف، من فقد بصره في سن متأخرة ليس كمن ولد مكفوفا، فجل الأطفال المكفوفين يحرمون من حقهم في التمدرس، خصوصا من هم أبناء أسر فقيرة تجهل كيفية التعامل مع ابن مكفوف، فيعيشون في قوقعة منعزلة عن العالم الخارجي، مقتنعين بعجزهم الذي غرس في نفوسهم، وان شاءت الأقدار أن التحقوا بالمؤسسات التعليمية ونالوا شهادات عليا فالشعور بالعجز  يظل يطاردهم حيث ضعف فرص الشغل المتاحة لهم وانعدام ثقة المجتمع بهم، نهيك عن تلك العقليات المتحجرة التي لا تكف عن ممارسة أساليب قمع و ذل المعاق وقذفه بأسوأ الألفاظ  وتحطيم آماله المستقبلية في بناء حياة اجتماعية وعملية متوازنة، كأنه اختار الاعاقة وكأنه اختار العيش بين فئة ظلت مهمشة على مر العقود.
وان كانت جمعيات المجتمع المدني من تبادر دائما لعملية ادماج المعاق في الحياة الاجتماعية وتنظيم دورات للتحسيس بحقوق المعاق الانسانية والتربوية كمواطن و بدوره الإيجابي كطاقة فاعلة يحتاج لها المجتمع، فإن دور مؤسسة الدولة بكل مكوناتها الحكومية والمحلية يظل متواضع بالمقارنة مع ما قدمته الجمعيات لشخص المعاق. ولا يجب اغفال الحاجة الملحة لمكون الاعلام في نشر الوعي خصوصا في المناطق النائية والقروية وبين الاسر التي تتحدث اللغة الامازيغية فقط لإخراج المعاق الامازيغي او العربي من قبر التهميش الذي يطوله.


التعليقات
10 التعليقات

10 التعليقات:

سفيرة المحبه يقول...

ايوه صح ما ذكرتي
الله يجزااك الجنه يارب على كلماتك المؤثره

تقبلي مروري (f)

m.hallawa يقول...

السلام عليكم
طرح طيب بارك الله فيكي
تحياتي

غير معرف يقول...

صباحك غاردينيا آمال
طرح راقي عزيزتي حقاً لن نشعر بـ المعاق إلا لوحاولنا تخيل أنفسنا مكانه ..أما المؤسسات الخاصة بمن هم بنفس الحالات من إعاقة وعجز فهي في كثير من الآحيان تفتقر لأساليب مناسبة وإهتمام أكثر بمن يعانون من عجز وإعاقات "
؛؛
؛
وفقتِ لما قدمتِ من طرح راقي
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

غير معرف يقول...

بسم الله وبعد
بوركت أختنا في الله على الطرح الطيب
تحياتنا وإحترامنا وتقديرنا لك

موقع المنشد مازن الرنتيسي - أبو مجاهد
صفحة أحلام الرنتيسي – هذه سبيلي

مصطفى سيف الدين يقول...

بورك فيكي
طرح راقي
لا بورك في من عاش لنفسه وطوبى لمن عاش للآخرين

غير معرف يقول...

مساء الورد

النظرة الدونية لذوي الأحتياجات الخاصة تعبر

عن فكر ضحل وعقليات متردية لكونهم ينظرون بشيء

من السخف لأصحاب الإعاقات بمختلف أنواعها فهم بشر

مثلنا ولا يختلفون في شيء سوى أن الله عز وجل كتب عليهم

أن يفقدوا عضو ما يختلف من واحد إلى الآخر ولكن ذلك

لا يلغي أبداً عقولهم وأحاسيسهم مهما كانت نوع الإعاقة ..

مقال رائع أشكرك عليه

تحياتي وإحترامي

الاحلام يقول...

والله امال شىء محزن ومؤثر موضوع غايه فى الاهميه طرحتيه باسلوب جميل وراقى عفانا الله سبحانه وتعالى من كل سوء
تحياتى ابوداود

رشيد أمديون يقول...

السلام عليكم..

كتبت أكثر من مرة عن الإنسان المعاق والمجهود الذي تبذله بعض الجمعيات الإنسانية لإخراج ذوي الإحتياجات الخاصة من قوقعة الإهمال، وفي نظري لولا هذه الجمعيات لما بادرت الدولة لملئ ذلك الفراغ، خاصة وأن هذا الأخير بالنسبة لها غير منتج... وبكل صراحة نحن من جعلناه غير متجا ووضعناه في ركن العالة، فالتكوين الخاص للإنسان المعاق لابد أن توفره الدولة حتى تبزغ بذور مواهبه، ويتبين ما يمكن لهذا أن يقدم لنفسه ولمجتمعه...
تحتي لك أختي أمال.

أمال الصالحي يقول...

موضوعك غاية في الأهمية، وواجب علينا إيجاد التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بدل تهميشهم، يجب تضافر جهود الجميع لجعلهم أشخاصا منتجين في هذا المجتمع، فالجمعيات وحدها غير كافية للتكفل بكل احتياجاتهم

مودتي يا أمال

Unknown يقول...

في الحياة يوجد مثل هؤلاء، فكيف الحال لو أصبحت منهم؟

سؤال لو حاول الانسان الاجابة عنه بين فترة و اخرى

و عندما يقتضي الحال ...

لصلُحت كثير من السلوكات الشائنة و لعمّ كثير من الحب .

تحياتي لقلم التزم صدقية الكتابة .

مدونة الزمن الجميل يسعدها دعوتك إلى جديدها !


-

إرسال تعليق