Ads 468x60px

الجمعة، 3 فبراير 2012

أعينوهم على طاعتكم !






 ساعدوهم على اتخاذ القرار ولا تتخذوا عنهم القرار وأعينوهم على طاعتكم والإحسان إليكم.
الأبناء أمانة استودعها الخالق في كنف الأسر، نستطيع أن نجبر أبنائها بالبقاء بجانبنا طول الوقت لكننا أبدا لن نستطيع إقناعهم بأفكارنا ومعتقداتنا، هم ليسوا ملكية خاصة كما يعتقد البعض وإلا لما عاقب الشرع والقانون أبا أو أما إذا ما اقترف أحدهم جرائم في حق أبنائه..
فالطفل منذ ولادته، يولد صفحة بيضاء، أنت لا تجبره على التشبع بأسلوبك في الحياة لأنه سيقوم بذلك تلقائيا فذاكرته فارغة وفي هذه الفترة فقط هو يملئها بما يستقبله من محيطه يوميا والكثيرون من ينتظرون أبنائهم إلى حين بلوغهم سن متقدمة ليمارسوا فعل التربية والتأثير في حين أن دور التلقين قد انتهى منذ أن بلغ الطفل السبع سنوات. فهو حينها أصبح مدركا جيدا لما يحدث حوله ويستطيع بكل بساطة أن يقول لك لا لفعل ما أنت تفرضه عليه، فلم تعد المؤثر الوحيد عليه لأن ابنك أصبحت له مصادر واسعة يستقبل منها ويتشبع منها ليكون شخصيته المنفردة تماما عنك. هذا لا يعني بالمطلق أن دورك انتهى ولكن يعني بالضرورة أنه حان الوقت لتستبدل طريقة تعاملك حسب تطور عقليته وحسب إدراكه، فطفل الخمس سنوات لا يشبه مطلقا طفل العشر سنوات..
 ربما هذا ما لا يدركه الكثير من الآباء ويتعاملون مع أبنائهم بنفس الطريقة تماما طوال مراحل نمو ونضج أبنائهم وهذا ما لا يتناسب مع المراحل العمرية التي يعيشها كل إنسان، فيتحول التلقين والتربية حسب مفاهيم الآباء للتسلط حسب مفاهيم الأبناء..
لي صديقة، كانت فتاة طموحة جدا ولها متمنيات تهدف لتحقيقها بالدراسة وتحصيل الشهادة والعمل وأشياء أخرى، رغم ما كانت تعانيه من أب لا يثق في أحد على إثر خيانة تعرض لها من زوجة سابقة إلا أن طموحها بلغ عنان السماء. كانت ناجحة في دراستها ولم يتبقى لها الكثير للظفر بشهادتها،  بعد مدة تفاجئها الأسرة بعرض زواج لابد أن توافق عليه وتتخلى عن الدراسة وعن كل شيء كانت تعيش لأجله منذ أن أدركتها الحياة، فالزوج الذي تقدم لها أو بالأحرى تقدمت أسرته لها لا يؤمن بزوجة تجلس في مقاعد الجامعة، أي أنهم يريدون ربة بيت ببساطة،  وهذا ليس عيبا مطلقا ولكن لكل منا طموحاته في الحياة وتكوين أسرة بدوره يحتاج لشريكين واعيين والأم الجاهلة لا تربي في زمننا هذا..
المهم، مارس الآباء عليها سلطتهم وحقهم الذي منحه الشرع لهم " وها السخط ها الرضى غادي تقبلي، الرجل ما بلينا فيه مايتعيب ومانقدوش نردوه، والزواج سترة للمرأة، ما عندها ما دير بشي قرايا إلا الله جابليها لي يصرف عليها (...)." صديقتي هاته دارتها في يد الله وخضعت لرغبة الوالدين أو بالأحرى أمرهم فلم يتركوا لها مجال لتستفتي عقلها والرفض كان غير مقبول، هي لا تعرفه ورغم ذلك شرط أهل العريس ألا تكون هناك فترة خطوبة مادامت الأسر تعرف بعضها البعض جيدا، أسرته بحثت عن زوجة تناسبها وأسرتها قبلت بزوج يناسبها ولم يتساءلوا إن كان الزوجين المستقبلين يناسبا بعضهما البعض أم لا..
بعد مدة من زواجها، رغم أنها لم ترى في زوجها ما يعيبه إلا أن آثار الاضطهاد النفسي الذي تعرضت له من قبل الأهل لم يتلاشى ولازالت تلك الأحلام الوردية التي تمنتها يوما ما حبيسة تخيلها..
 مشهد صديقتي هذا، يتكرر ألاف المرات وكثيرات هن من تزوجن لأن أهلهن قرروا ذلك ومارسوا سلطتهم الشرعية في تقرير مصير أبنائهم، رغم أن أول شروط الزواج القبول والإيجاب وهذا يخص المعنيين بالأمر لا أسرهم، خصوصا المرأة، كثيرا ما يتعامل معها كسلعة دون ملكة إحساس ينتظر فرصة بيعها والتخلص منها ويتناسون أنها أيضا كيان بفكره و إحساسه وطموحاته في الحياة.. ومن يدري متى تتخلص من آثار اضطهاد الأسرة لها.
هناك من لا يقبل بالخضوع لأمر أهله فيما يخص القرارات المصرية في حياته من العمل والزواج، ويؤدي ذلك لقطيعة بينه وبين والديه ولعقوق بشتى أنواعه، كل هذا لأن الآباء نسوا أنهم يتعاملون مع ابن ناضج كون قناعاته التي لن تشبه بالضرورة قناعاتهم وأنه في فترة عمرية يحتاج فيها للمصاحبة والمساندة وليس للتسلط والإخضاع، وهو أيضا نسي أن والديه في فترة عمرية لن يستطيع معها استبدال عقليتهم.



التعليقات
18 التعليقات

18 التعليقات:

m.hallawa يقول...

مساء الخير
طرح طيب بارك الله فيكم
مع خالص تحياتي

بندر يقول...

يومك سعيد أمال:

تربية الابناء من أشد الأمانات التي يتحملها الوالدين.

( وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ماكان عوده أبوه)

والأبناء يحتاجون في مراحل أعمارهم إلى تعامل مرن من قبل أبائهم . فكل مرحلة يمرون بها يحتاجون إلى تعامل خاص يناسب هذه المرحلة ... وإذا لم يستوعب الأباء هذه التغيرات فستكون النتيجة وخيمة...

تقبلي تحياتي سيدتي..

faroukfahmy يقول...

خاطرة هزت وجدانى وحركت مشاعرى
اسلوبك جذاب وخلاب

رشيد أمديون يقول...

مهم جدا موضوعك.
لكني أتساءل هل مازال هناك أهل يزوجون بناتهم بهذه الطريقة في زمننا هذا.
أرى أن الوالدين أحيانا ينظرون إلى الرجل وما لديه من مال أو جاه، في هذه الحالة يكون الزواج بهذا الشكل.
أما التربية فهي علم ويلزمها الكثير.

تحيتي

مغربية يقول...

حكاية تلك الفتاة موجودة في زمننا هذا أخي حسام الدين، خصوصا في الأسر البسيطة التي لا ترى في غير الزواج مستقبلا لأبنائها
للأسف صديقتي أمل تتكرر الحكاية دوما وتخلق معها جيلا من أمهات معقدات نفسيا، وفاقد الشيء أحيانا لا يعطيه
شكرا عالطرح الطيب لهاته المعضلة الاجتماعية

أمال يقول...

@@m.halawa
شكرا لأنك هنا

@@بندر الأسمري
صحيح ما قلته، حين لا يستوعب الاباء خصوصيات كل مرحلة يعيشها أبنائهم، هنا يقع الاصطدام بينهم ومشاكل لا حصر لها..
بارك الله فيك أخي


@@faroukfahmy58
شكرا لك أخي

@@أبو حسام الدين
نعم يا أخي، توجد وبكثرة، تختلف الشخصيات والقمع سيد الموقف، وليس بالضرورة أن ينتظر الاهل زوج غني ليزوجوا بناتهن رغما عنهن، بل فقط رجل يحمل ملامح الذكورة كافي ليجعل العديد من الاسر تبيع بناتها لتتخلص من عبئ مصارفهن..
الواقع مرير، وعايشت العديد من القصص فيها الفتاة تباع وتشترى بأبسخ الأثمان..
والرجال أيضا لا يسلموا من ضغط الاهل حين يصلون لسن مناسبة للزواج، حيث تحبذ أمهات كثيرات اختيار زوجات أبنائهن حسب أذواقهن ويمارسن ضغوطات إن حاول الابناء رفض اقتراحتهن والوااقع يحكي..

آباء للأسف ينتجن جيل يحمل عقد نفسية تتوارث مع الاجيال


@@مغربية
تخلق معها جيلا من أمهات معقدات نفسيا..
صحيح، جملة تلخص الواقع !

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم

جزاك الله خيرا اختى وبارك فيك
تدوينتك اليوم حركت مشاعرى و نحن نعانى فقدان كثير من ابنائنا هذه الايام بمصر الحبيبة نتيجة مؤامرات ودسائس تحاك لهم ولاحول ولاقوة الا بالله

سامحينى اختى فى التقصر بالمتابعة
تحياتى لك

Unknown يقول...

تحياتي لقويم الفكر و جمال الطرح ...

**


سعيا منها لتطوير النقاش و الاستفادة من المدونين العرب ، مدونة الزمن الجميل تدعوك لإبداء رأيك في موضوع : الشباب العربي بين ما أرادوا له و ما اختاره !



*

غير معرف يقول...

بسم الله وبعد
مازن وأحلام مروا من هنا وأعجبوا بالطرح الطيب
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الذرية الصالحة
تحياتنا واحترامنا وتقديرنا لك أختنا في الله

مـ أحلام ـازن

rainbow يقول...

احب القراءة و الكتابه فى هذا المجال ..
ومقالك أكثر من رائع ولمس أطراف الإحاسيس
تحية وود لك يا مبدعة



،،.*.،~~’’’،،*,.-~*'¨¯¨'*•~RainBow.-~*'¨¯¨'*•~- * ،،~~,.*

Alaeddine يقول...

من الرائع ما أجده في هذه المدونة من تدوينات متميزة، لهذا فإنني أعلن أنني أدمنت هذه المدونة :)

الاحلام يقول...

امال
نحن هنا نحيا حياه بها الخوف والرعب الان فلم يوجد استقرار ويبدا الغدر والموت فى كل مكان دعواتك لنا اختى واحييكى على كلماتك الرائعه الجميله فانتى دائما مميزه تحياتى ابوداود

أمال الصالحي يقول...

بقدر أهمية الموضوع بقدر فجيعته، حين نقف على حالات تزج بالأبناء في دوامة فضيعة اثارها السلبية قد تصاحب الطفل حتى الكبر..

لك تحياتي عزيزتي

goulha يقول...

الله يرحم من قراك أو رباك
موضوعك هذا مفيد للغاية
شكرا لك

باسم يقول...

صارت مدونتك مصدرا رائعا لي حول تربية الأبناء، أشكرك ولا أجد ما أهديك غير كلام سيدنا عمر بن الخطاب إذ قال:
لا تكرهوا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم..
تحيتي وشكري ودوام متابعتي مضمونات لك :)

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا آمال
أشتقتكِ جداً ياغالية ومقال رائع كـ عادة قلمك وفكرك البارع وياليت الآباء يدركون تلك المسؤلية وتلك الآمانه "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

m.hallawa يقول...

السلام عليكم أمال
شكرا علي الزيارة الكريمة
دومتي بخير
تحياتي

عـمـــاد يقول...

كـلامٌ واقعي.. و منطقي.. و جميعُنا قد عشنا قطوفاً و فصُولاً منه...؟؟

علّنا كشباب نستخلص على ضوء ذلك أنفَعَ دروس الحياة.. و أبقاها..

تحياتي..

عمـاد / مدوّنة وحـيُ الخـاطـر

إرسال تعليق