Ads 468x60px

الاثنين، 28 مايو 2012

عندما.."نتديَّن"



في فترة من الفترات، وأنا عند طبيب الأسنان، كنت جالسة في صالة الانتظار، إذا بامرأة تجلس بجانبي يرن هاتفها والرنة عبارة عن صورة من القرآن، ينقطع القرآن في كل مرة تجيب هي عن هاتفها، وتأملت قليلا المشهد وتسألت ما الغاية من سماع القرآن أو تلاوته؟ أليس التدبر والتمعن في كلام الله، ما معنى أن أضع مقطعا للقرآن كرنة لهاتفي بما أني لا أسمع إليه حينها ولا أتدبر فيه وكل تفكيري منصب نحو المكالمة، هل هو تمجيد أم أهانه لكلام الله؟ ومثل ذلك حين يعلق الكثيرون كتاب الله تزيينا لسياراتهم ولمكاتبهم، للأسف مظهر من مظاهر التدين الزائف المنتشر الذي يصب في تزيين صورة الإنسان لا جوهره.
وأنا أتابع دروسي بالجامعة، استوقفتني إحدى الفتيات، منتمية لجماعة إسلامية بالجامعة وترتدي خمارا أسود، طلبت الحديث معي وأنا رحبت بذلك، باشرت السيدة في دعوتي للتدين والتقرب من الله بأسلوب تخبرني من خلاله أني بعيدة عن الله ولست أدري ما منعها لتتهمني بالإلحاد مباشرة، استغربت جدا من طريقة حديثها معي، كل هذا مع سيدة لا تعرفني ولا أعرفها، كل ما في الأمر أنها ترتدي السواد وأنا لا أرتديه، وحتى وإن كنت إنسانة فاجرة فهل هكذا تكون الدعوة لله، أهكذا نحبب البعيد عن الدين في الدين ؟ ثم أمر آخر، أحيانا يتعامل البعض كأنهم ضمنوا كراسيهم في الجنة!، ويزكون أنفسهم وقد تكرر معي هذا الموقف أكثر من مرة،  ـ الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصف الدين لم يقل الدين الحجاب أو اللحية ولم يقل الدين الصلاة رغم أنها من فرائض الإسلام ولكنه قال الدين المعاملة، فما دهانا ننظر لفتات الأمور ونهمل الجوهر، من لبست أسودا ومن أعفى لحيته يسمي نفسه متدينا ويزكي نفسه، لاقتني الأقدار والصدف كثيرا مع أشخاص التزموا وتدينوا ظاهريا، لكني لم ألمس فيهم أي تغيير جوهري، فقط هو شكل قد تغير.
إن اتسخت حلوى فهل تغطيتها كافي لنقول أن الحلوى أصبحت نظيفة؟ أم أننا نحتاج لغسلها أولا من الوسخ وبعد ذلك نغطيها كي لا تتسخ مجددا، والله سبحانه وتعالى حين تكلم عن نبيه محمد عليه الصلاة والسلام في كتابه، لم يتحدث عن لحيته أو طريقة لباسه ولكنه قال عنه وإنك لعلى خلق عظيم، كما أنه اشتهر بين الناس بأمانته، وأصبح ينعت بالأمين ولم يشتهر بطول لحيته أو بنوع لباسه.
ومن جهة أخرى، اليوم لم يعد الحجاب دليل على الاحتشام والعفة، لأن أغلب فتياتنا حين يقررن أن يتحجبن ففي اعتقادهن أنه مجرد غطاء فوق الرأس، فيتغير الغطاء ولكن الباطن لا يتغير وتظل السلوكيات على ما كانت عليه، والمجتمع أيضا لا يتغير لأن موجة التدين تلك تمس الظاهر فقط. لدى طبيعي جدا أن ترتفع نسبة المحجبات وينشر التدين في أوساط الشباب ولكننا للأسف لم نسمع عن انخفاض في ظواهر الانحلال الأخلاقي.
في إحدى المجموعات الفايسبوكية، فتاتان تتشاجران، أحداهما تتلفظ بكلام نابي وسوقي يخدش أعين القراء، ألفت انتباهي صورة حسابها "مكتوب عليه حجابي حياتي"، ودخلت حسابها فوجدته مملوء بالآيات القرآنية والقصص الدعوية والحكم والأقوال، فاستغربت جدا، أصاحبة هذا الحساب هي حقا من تتلفظ بتلك الألفاظ السوقية الخادشة للحياء لمجرد اختلاف في الرأي، عجيب حقا !، وهذا للأسف ليس اسثناءا بل المواقع الاجتماعية أصبحت تنقل لنا طبائع المجتمع في حلته المصغرة.
حتى تعاطينا مع قضايا الأمة أصبح سطحيا وسقطنا في فخ المظاهر والشعارات، فاليوم، أصبح تضامن شاب عربي مع القضية الفلسطينية لا يتجاوز وضع صورة فلسطين على حسابه ويستشعر حقا أنه دعم القضية وقدم لها ما يجب تقديمه، فإن كانت أقلام عظماء الدنيا لم تفلح في تحرير ذاك الوطن المسلوب فما الصور هي بصانعة؟؟!،، وهل هذا سيدمر الصهيونية أو سيلغي تعاون الدول العظمى مع اسرائيل، للأسف تلك هي قمة السطحية..
يكفي أن نجد دولة مسلمة صنفت كأغنى دولة في العالم وفي المقابل مسلمون في أرض مسلمة يموتون من شدة المجاعة، لنعلم حينها كيف أننا مسلمون بالمظاهر وكيف أننا فرطنا في جوهر الإسلام وفي مكارم الأخلاق، ويكفي أن نسمع عن قصص سرقة واختطاف تحدث أمام أعين العامة ولا من متدخل كأن الشهامة ماتت في أرواحنا ودفنت مع السابقون لنعلم بأسى أن علاقتنا بالإسلام لا تتجاوز عامل الوراثة!

التعليقات
21 التعليقات

21 التعليقات:

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم

بداية اقول لك غاليتى ان اهم امر فى الاسلام هو الاتباع الصحيح والخلق القويم الطيب

كان عليه الصلاة والسلام خلقه القرأن وهذا معناه حسن تأسيه بما قال الله تعالى فى محكم اياته ...هذا القران الذى هو دستور حياتنا ومنهج يجب الاقتداء به فى كل صغيرة وكبيرة

انا معك وبقوة فى ان الحجاب اصبح بالنسبة لكثيرات مجرد غطاء للشعر والرأس بشكل مثير للاشمئزاز وبصورة قبيحة ملفتة للنظر ...لكن تلك التى ترتديه ظلمت نفسها فهى لا ارتقت مرقى الحجاب او انها ظلت فى ركب المتبرجات
ايضا طريقة التدين المزعومة خاصة على صفحات المواقع الاجتماعية تسىء وبشكل كبير للاسلام ويغيظنى ويثير غضبى هذا الذى ينشر على صورة ما ( اعمل لايك او انشرها ليحبك الله ) او استحلفك بالله اعمل كذا ليحبك الله او صلى على رسول الله حتى لا يغضب عليك الله


شىء سخيف ومرفوض فى الاسلام

(( قل ان كنتم تحبون الله اتبعونى يحببكم الله ))....هذا هو الاسلام اتباع فى كل صغيرة وكبيرة ولا علينا سواء اكان من يفعل فعل مثل الحجاب او اللحية لكنه لا يطبق تعاليم الاسلام
فلنلتزم نحن بالحجاب واللحية وفى نفس الوقت بتعاليم الله والاسلام وننشر دعوانا بصدق وبالحسنى ولا علينا بمن ينفر الناس ولنكن نحن قدوة ولا نحقر من اى امر من امور الدين اى شىء او نقلل من شأنه لكن من لا يطبق الخير خسر ومن اقتدى بالحسنى فاز

الاسلام فعل الجوارح وهو الاستسلام التام لله ورسوله ...اما الايمان فهو فعل القلب ويجب ان يتفق القلب والجوارح ليكمل الانتماء للاسلام ويتم ...وليس مجرد رنة موبايل او مصحف موضوع زينة فى سيارة فهذا لايرضاه الله ابدا ولم ينزل كلام الله عى الرسول ليكون مجرد زينة نسأل الله العافية

ولقد قابلت فى حياتى ايضا ذلك الصنف الذى يتخيل نفسه حامل لواء الحق على الارض والجميع جاهلون سواه ولو بحثتى فى سيرته تجديه مجرد زنديق ومنافق

هدانا الله واياكم لما يحب ويرضى وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال

تحياتى وتقديرى

fz ea يقول...

mache lah a3Lik akhti abda3Ti sara7a dayman m3wdana 3la lkitaba dialak ra2i3a ta7Iyati

محمد الدهيمي يقول...

الأمر بين كفتي ميزان ..

فعلا أهمل الكثيرون القضايا الجوهرية و اهتموا بالمظاهر .. و لكن أيضا الإهتمام بتنفيذ بعض هذه الأمور التي قد تبدو ظاهرية أمر لا يمكن تركه " كالحجاب الشرعي مثلا "

أعجبني جدا تفكرك في أمر نغمة رنين الهاتف ، و كذلك أمر المواقع الإجتماعية .

مغربية يقول...

ليتنا نعلم أن ديننا أعظم منا بكثير
موضوعك مميز صديقتي
لكن سنكون مميزين أيضا لو أخذنا العبرة مما كتبته

الشاب مروكي يقول...

قلتي كل شيء يا أختي !
المعري من قديم قال : أ غاية الدين أن تحفوا شواربكم .. يا أمةً ضحكت من جهلها الأمم !؟
وللأسف نجد شيوخا و 'علماء' يأسسون لهكذا منهاج في الدعوة .. فما بالك بالأتباع!
سلامي

محمد ايت دمنات يقول...

السلام عليكم
اولا احيي فيك صدقك و لغتك اسلوبك الرائعين حقا....
اما بالنسبة للموضوع فاأنا اتفق معك من جهة حيث صورت واقعا مرا نكتوي بناره باستمرار و ليس على الفايسبوك فقط ...لكنني اختلف معك من جهة اخرى فالحجاب قبل كل شيء يندرج في باب ستر العورة بالنسبة للمراة كما امر الرجل بستر عورته...ثم ان إساءة محجبة او منقبة لا يعني ان الحجاب او النقاب ليسا صالحين ...كما لا يكفي القول بان الدين المعاملة _ وهذا صحيح -لنضرب الحجاب عرض الحائط ولا اتهمك بذلك بل هذا ما سيفهمه البعض ...اذا كانت الفتاة مسلمة مؤمنة حقا بأفعالها وسلوكاتها فإن ذلك سينعكس على مظهرها لأن كل اناء بما فيه ينضح,,,,
على كل شكرا لك ونسال الله الهداية لنا ولكل الفتيات المسلمات و ا ن ينقي مجتمعاتنا الاسلامية من هذه السلوكات

أمال يقول...

الشلام عليكم،
بداية، شكرا على تفاعلكم مع الموضوع أصدقائي
أود فقط التنبيه كي لا يفهم توجه الموضوع بشكل خاطئ، أنا لا أناقش هنا فرضية الحجاب أو الزي الاسلامي المحترم لأن هذا بين وواضح ولا نقاش فيه وكما أشرت أخي محمد أبو عز الدين من طهر باطنه فهذا بلا شك سينعكس على لاباسه وسلوكه ولكن العكس ليس دائما صحيح وهذا ما تطرقت له هنا
موضوعي هذا لم يأتي من فراغ لأننا حقا نعيش تدينا ظاهريا لا يمس الباطن مطلقا ولعل الواقع قادر أن يحكي ما تعجز الكلمات عن التعبير عنه..

شكرا لكم مرة أخرى وسعيدة حقا بوفائكم للمدونة :)

رشيد أمديون يقول...

الأصل في الإنسان هو الخير وليس الشر، سواء كان متدينا أو غير ذلك. أما أن أتحلى بصفات المتقين فهو أمر محبب بل مطالب به كل من اتخذ له دين الإسلام، ولعل حديث: "الدين المعاملة" يوضح لنا هذه المعادلة أن الإسلام معاملة وأخلاق وحسن تصرف، هذا في المجال الذي يضم علاقتي مع الأخر، أما ما يخص علاقتي بالله فهو مجال اخر يحسن بالتزكية والتطهير للباطن قبل الظاهر، وقد أعطي مثالا هنا: الزجاجة الشفافة أكيد أنها تُظهر لون محتوى السائل الذي بها، لأنها شفافة لا تخفي شيئا.
على كل حال مقياس التدين في الأثر الذي يتركه الدين على الشخص وليس فيما يلبس أو يقول...
تحيتي

m.hallawa يقول...

السلام عليكم امال

طرح طيب بوركتي
تحياتي

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا آمال
أشتقتكِ ياراقية
موضوعك هادف وحقيقي للأسف البعض تجرد من جوهر الدين فـ البعض ترتدي الحجاب في حين لم يكن حجاباً وبعض الرجال يطيل لحيته ولم يقصر سوء أدبه وخلقه ..الدين معاملة والدين أخلاق "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

iHibo يقول...

موضوع جد مهم حقا ولطالما حاولت التطرق اليه وخصوصا النقطة الاخيرة !

موفقة في طرحك

يوسف يقول...

أتذكر فيديو للدكتور عدنان إبراهيم يتحدث فيه عن هذه الظاهرة حيث ينتشر التدين الظاهري بشدة بين أفراد المجتمع، بين التدين الجوهري قليل من يشم نسيمه..

http://www.youtube.com/watch?v=neCIodKkd7I

rainbow يقول...

دائماً عندما تبحثين فى خلفية هؤلاء تجدينهم من الأقل ثقافة و الأقرب الى البلاهة فى الانصياع و تطبيق كلام البلهاء فهم يطبقون ما يملى عليهم حرفياً بغض النظر عن جرح مشاعر الاخرين أو التعدى على خصويتهم الفكرية أة الخاصة .. قابلت الكثير منهم و لكننى كنت أردعهم مباشرة و كنت أبحث عن عيوبهم متعمداً وأقول لهم : أفعل هذا أنت أولاً ثم أنصح الناس و أقول لهم هل أنت رسول ؟ أو منزل ؟ وهؤلاء ينفرون الناس من الدين و يركزون على الجانب السلبى من حياتهم الغير سوية سابقاً
والحديث يطول - و شكراً لك مقالك أعجبنى كثر

غُفرَانْ يقول...

صباحك طهر ~
حقيقة كانت هذه الزيارة الأولى لمدونتك و أعجبني رقي تفكيرك
و الجميع يعاني من هؤلاء الذين يظنون أن الدين يرتكزُ على المظهر فقط !
و تجدين الكثير من يغترون بهم و يحذون حذوهم
أنا حقيقة عندما اواجه هؤلاء أحب أن اوضح لهم أمر صغير
في القران عندما أمر الله موسى ليذهب إلى فرعون الذي كان يدعي الالوهية
قال لهم عز وجل: : (( فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ))
تدركين من هذه الآيه أن رغم عظم ذنب فرعون
كان أمر الله لموسى و هارون عليهم السلام أن يقولا له قولاً لينا !
و السبب في ذلك يأتي في إخبار الله للرسول صلى الله عليه وسلم في محكم كتابه :
(( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ))
لكن كما قلتي أن علاقة هؤلاء بالإسلام لا تتجاوز عامل الوراثة !
نسـأل الله الهداية لنا و لهم
..
و متابعة :)

باســـم يقول...

تفتحين جرحا أيتها الطاهرة.
مشكلتنا منذ القديم أن المقدسات لا تتكلم بل يتكلم عنها تجارها، يحدث هذا مع الدين كما مع الوطن والحرية و الشهداء.. مشكلتنا الأخرى ذاك القمع الفكري الذي نشأ برؤوسنا بحكم التربية فورثنا فهما ناقصا للدين أبعد ما يكون عن دين المصطفي وورثنا معه كبّة من الحدود الحمراء التي صنعها من يخشون أن يخلو العبد بربّه فيكون الشيطان ثالثهما.. والكلام قياس
دام قلمك

محمد الجرايحى يقول...

الأخت الفاضلة: آمال
لقد وضعت يدك على جرح هذه الأمة وهو جرح غائر تعانى من نزفه أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأدعو الله تعالى أن يبصرنا سبل الهداية والرشاد
اللهم آمين
بارك الله فيك وأعزك

Unknown يقول...

العبرة دائما بالجوهر وليس المظهر وان كان للمظهر دور مهم
ومأثر لكن الجوهر أهم بكثير

الاحلام يقول...

امال
رائعه كما انتى دوما امال نتمنى ان يهدنا الله وينير بصيرتنا
تحياتى ابوداود

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم
اين انت اختى الحبيبة
لماذا كل هذا الغياب
ارجو ان تكونى بخير حال


ننتظر عودتك سريعا غاليتى

تحياتى لك

أمال يقول...

وعليكم السلام اختي ليلى،
الحمد لله أنا بخير، هي مشاغل الحياة ابعدتي عنكم وقريبا ان شاء الله سأعود

شكرا على السؤال وبارك الله فيك أختي ليلى :)

مودتي

الأسرة المسلمة يقول...

بسم الله وبعد
تتقدم الأسرة المسلمة ( مازن وأحلام ) بالتهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منا الصيام والقيام وتلاوة القرآن وأن يرحمنا ويغفر لنا ويعتق رقابنا من النار وأن يدخلنا الجنة من باب الريان إنه سميع قريب مجيب
مبارك عليكم الشهر وكل عام وأنتم إلى الله أقرب

إرسال تعليق