ما عدنا نختلف عنهم، ما عدنا
أحسن منهم، صارت مجتمعاتنا تشبه مجتمعاتهم، غاب الآمان حين غابت الأخلاق ولم يعد
للأعراض حرمة وظل القانون يرقِع ليُجَّمِل الظاهر ويبقي الباطن متعفنا..
كثرت حالات الاغتصاب في بلدنا
الحبيب وأصبحنا نسمع كل يوم عن حادث بتفاصيل تنسيك بشاعتها من أصلك وأين تعيش وما
خفي أعظم بكثير في مجتمع لازال عامل التستر جاريا في حقائق أحداثه..
يحز في نفسي جدا أن ينتهك عرض
فتاة ويحكم على الجاني بخمسة إلى عشر سنوات سجنا فقط وتظل هي تعيش الموت البطيء إلى
آخر رمق في حياتها بسبب مأساة ذنبها الوحيد فيها أنها أنثى، و الكارثة أن القانون
يلغي عقوبة المجرم إذا تواضع سيادته وقبل الزواج بضحيته، فبالله عليكم أي قانون
هذا؟ ويبث في صالح من؟؟ إن كانت الجريمة فهي أبشع من القتل والموت للضحية أرحم
بكثير من عيشها معذبة النفس مسلوبة الإرادة ما عليها سوى طاعة القانون وأنانية مجتمع
يفضل الحفاظ على تقاليده على حساب كائن ضعيف كتب عليه ما كتب، كيف يمكن تأمين حياة
إنسانة مع مجرم مارس وحشيته عليها، فهل يكافئونه على جرمه أم يصلحون ما أفسده لتزيين
الواقع وتركها هي تدفع ثمن جبن المجتمع وحقارته، فهل نحن نصلح فعلا أم نرقع ما
يمكن ترقيعه؟!.
هذه فقط الحالات التي عرف
أمرها وتوصل بها القانون، فماذا عن الأخريات اللواتي عانيين في صمت مخافة الفضيحة
وجلب العار وكتمن معاناتهن متجرعين كل أنواع العذاب النفسي وهن في مجتمع لا يرحم
فاقدات الشرف وينفرهن كأنهن مجربات ، كيف نأخد بأيديهن ونساعدهن على تجاوز المحنة
وهن صامتات لا يتكلمن، يعشن ليعشن فقط، في حين أن الوحوش حرة طليقة تستمتع بالحياة
فالمجتمع يعمل لصالحها ويساعدها في إخفاء جرائمها..
أستمع لبرنامج إذاعي يذيعه
المنشط مصطفى الهردة وهو برنامج يحكي قضايا الناس وقصصهم التي تروى بألسنتهم، وإن
كنت دقيقة بعض الشيء، فكل يوم تقريبا يروى
فيه حادث اغتصاب، لا أصدق حقا أن كل هذا في بلد مسلم محافظ لازالت قيم العفة
والطهارة مقدسة لديه وتربى في أسره، لا أصدق أن الأب والأخ قد تصل بهم الوحشية
والتجرد من الإنسانية إلى انتهاك عرض الأخت والابنة عوض حمايته، أين هي القيم
الإنسانية؟، أليس للجسد حرمة؟ أين هو الإسلام ورفقا بالقوارير أيها الرجال؟ أين هي
استوصوا بالنساء خيرا؟! أين هي وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام؟ هل نسينا أم
تناسينا أننا بشر نملك عقولا لنتميز بها عن الحيوان؟ فما بال تلك العقول لا تعمل
وتلك الضمائر الميتة لا تحيى!
كلكم راع وكل راعي مسئول عن
رعيته، فأيها الرجال عفوا تعف نسائكم وحافظوا على أعراضكم وعلى بناتكم، وإن شاء القدر وكسرن فحاولوا إصلاح الكسر ولا تكسروا أكثر مما كسر وعقلوا فلا التقاليد
ولا العادات سترجع فلذات كبدكم إن هم ضاعوا، كونوا رجالا فقط ليكن نساءً!!!.